الاستفادة من الاستدامة: أهم ثلاث مواد تميل الشركات إلى التخلص منها بدلاً من إعادة تدويرها.

 18 مارس، 2024

في إطار المنافسة المتواصلة لمعالجة قضايا البيئة وتعزيز الممارسات المستدامة، نجد أن عملية إعادة التدوير قد تطورت لتصبح أداة حاسمة للأفراد الذين يسعون لتحقيق تأثير إيجابي. على الرغم من التقدم الكبير الذي تم تحقيقه في السنوات الأخيرة، إلا أن الرحلة نحو وقف الأضرار الناتجة عن عقود من التخلص الغير السليم للنفايات لا تزال مستمرة.

في حين يقوم العديد من الأفراد بفرز وإعادة تدوير سلعهم اليومية بوعي، واتخاذ خيارات مدروسة لدعم المنتجات الصديقة للبيئة، إلا أن هناك تناقضًا مثيراً للدهشة في عالم الشركات. حيث يقصر العديد منها في جهودها لإعادة التدوير، مما يتيح لملايين الأطنان من المواد القابلة لإعادة التدوير العثور على طريقها إلى المدافن على الصعيدين الوطني والعالمي.

وعلى الرغم من الترويج العالمي لممارسات الأعمال المستدامة، إلا أن عددًا كبيرًا من الشركات لم يتبنى بعد إمكانات إعادة التدوير والاستفادة منها بشكل كامل. وهو ما يؤدي إلى التخلص من مواد قيمة يمكن أن تسهم في الحفاظ على البيئة وتحقيق فوائد اقتصادية للشركات المعنية.

في هذه المدونة، سنستكشف أهم 3 مواد يتخلص منها الشركات، الأمر الذي يؤدي إلى ضياع الفرصة لفتح الباب أمام فوائد بيئية واقتصادية من خلال إعادة التدوير.

الزجاج: من مخلفات إلى موارد

 

يمكن أن تكون إعادة تدوير الزجاج فعالة للغاية وصديقة للبيئة. إنها مادة قابلة لإعادة التدوير بشكل مثالي لكل من قبل الشركات المصنعة والمستهلكين. من الناحية الإنتاجية، يتم صنع الزجاج من ثلاث مكونات طبيعية – الرمل والحجر الجيري والصودا الرمادية، بالإضافة إلى المكون الرابع الأهم: الزجاج المعاد تدويره والمسحوق إلى حبيبات تعرف باسم “كسارة الزجاج” أو “الكلت”.  تقلل هذه المادة المعاد تدويرها بشكل كبير من الحاجة إلى المواد الخام الطبيعية، حيث يحل كل كيلوغرام من الكلت محل 1.2 كيلوغرام من المواد الخام.

 يتميز الزجاج باعتباره واحدًا من أفضل المواد لإعادة التدوير. حيث يمكن إعادة تدويره إلى ما لا نهاية، محتفظًا بجودته بغض النظر عن عدد مرات مروره في عملية إعادة التدوير. وهذا يعني أننا لا نحتاج أبدًا إلى التخلص من نفايات الزجاج، حيث يمكن استخدامها دائمًا لصنع زجاج جديد. على الرغم من أن الزجاج قابل للتدوير بشكل كبير، إلا أنه غالبًا ما يتم التخلص منه. إن إنشاء برامج إعادة تدوير الزجاج يسمح للشركات بتوفير الطاقة وتقليل الانبعاثات، وإطالة دورة حياة المنتجات الزجاجية. يمكن للزجاج المعاد تدويره أن يلعب دورًا أساسياً في إنتاج حاويات جديدة ومواد العزل، وحتى المساهمة في بناء طرق مستدامة.

البلاستيك: إعادة التفكير في الاستخدام الواحد

 

إن التحديات المرتبطة بنفايات البلاستيك معروفة على نطاق واسع، مما يؤكد الصعوبات الكبيرة التي يواجهها كل من المستهلكين والشركات في إعادة تدوير البلاستيك بشكل فعال. ينشأ جزء كبير من هذه المشكلة من التعقيدات المرتبطة بإعادة تدوير أنواع مختلفة من البلاستيك، وخاصة التغليف البلاستيكي، الذي يمثل 40% من إجمالي المنتجات البلاستيك. على الرغم من الوعي المتزايد بمشكلة البلاستيك، إلا أن العديد من الشركات تواصل استخدام العبوات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، مما يساهم في تراكمها في مدافن النفايات والمحيطات.

بصرف النظر عن هذه التحديات، فإن العديد من الشركات تظل مقصرة، خاصة فيما يتعلق بأنواع البلاستيك التي يمكن إعادة تدويرها بسهولة أكبر. وتكمن العقبة الرئيسية في التكاليف المرتفعة لعمليات إعادة تدوير البلاستيك، بما في ذلك تكاليف النقل والمعالجة وإعادة التدوير. حيث تجعل هذه التكاليف إعادة تدوير البلاستيك أقل كفاءة اقتصادية من غيرها من المواد.

تستطيع الشركات تحقيق تأثير كبير من خلال الاستثمار في مواد التعبئة والتغليف القابلة لإعادة التدوير والتحلل الحيوي. من خلال إغلاق دورة التعبئة والتغليف البلاستيكية، يمكن التقليل من الأضرار البيئية ومواكبة تفضيلات المستهلكين للبدائل الصديقة للبيئة. 

النفايات العضوية: من القمامة إلى الكنز 

غالبًا ما تنتهي مخلفات الطعام والمواد العضوية الأخرى التي تنتجها الشركات في مدافن النفايات، مما يسهم في انبعاثات الغازات الدفيئة.

بدلاً من اعتبار النفايات العضوية مشكلة، يمكن للشركات تحويلها إلى مورد قيم من خلال عمليات التسميد أو الهضم اللاهوائي. ينتج التسميد تربة غنية بالمغذيات، بينما يمكن للهضم اللاهوائي توليد الغاز الحيوي لإنتاج الطاقة. إن تطبيق برامج إعادة تدوير النفايات العضوية لا يقلل من التأثير البيئي فحسب، بل يُظهر التزاماً بالممارسات المستدامة.

تقوم الشركات في جميع أنحاء العالم بالتخلص من نفايات الطعام التي يمكن إعادة تدويرها. من الطعام نصف المأكول (المتبقي) إلى المنتجات غير المباعة، الأمر الهام هو أن إعادة تدوير المزيد من نفايات الطعام سيكون مفيداً للشركات. إن مجرد تقليل بسيط لنفايات الطعام التي يتم التخلص منها بنسبة 20% يمكن أن يوفر للشركات ما يقرب من 2 مليار دولار سنويًا!

ولحسن الحظ، هناك تغيير في عقلية إعادة تدوير نفايات الطعام، حيث تدرك الشركات الفارق الكبير الذي يمكن أن تحدثه من خلال تغيير سياسات إعادة التدوير الخاصة بها. وعلى الرغم من أن الدافع وراء هذا التغيير قد يكون مرتبطًا بالتوفير المالي المحتمل، إلا أنه يشير إلى تحول إيجابي نحو ممارسات أكثر استدامة.

تتطلب الرحلة نحو الاستدامة نهجًا شاملاً، وتلعب عملية إعادة التدوير دورًا محوريًا في هذه العملية. حيث يسلط هذا المقال الضوء على الفوائد المحتملة، التي يمكن للشركات ان تحققها بما في ذلك تقليل التأثير البيئي ووفورات كبير في التكاليف، ويؤكد على أهمية التحول في عقلية الشركات وخاصة فيما يتعلق بإعادة تقييم إدارة النفايات الخاصة بها وطرق التخلص منها.

إن تبني مبادرات إعادة التدوير يتجاوز تحقيق الفائدة البيئية؛ بل يضع الشركات كمواطنين مسؤولين ورائدين في السعي نحو مستقبل أكثر استدامة. لقد حان الوقت لكي تدرك الشركات قيمة المواد التي يتم التخلص منها وان تتبنى عمليات إعادة التدوير باعتبارها ركيزة أساسية في التزامها بعالم أكثر خضرة.


ومع تزايد اعتماد الأفراد لممارسات الاستدامة بشكل متزايد، يجب على الشركات أن تتبنى نهجاً مماثلاً من خلال الاستثمار في بدائل قابلة لإعادة التدوير وتنفيذ برامج قوية لإعادة التدوير. وهذه ليست مجرد مسؤولية، ولكنها فرصة استراتيجية للشركات لتحويل النفايات إلى موارد قيمة، والمساهمة في عالم أكثر استدامة وازدهارًا.