القطاع المهني – ضحية للأعراف الثقافية في الأردن!

09 July, 2018

إن أطفالكم ما هم بأطفالكم” فلقد وَلَدهم شوقُ الحياة إلى ذاتها، بِكُمْ يَخرجون إلى الحياة، ولكن ليس مِنكُم وإنْ عاشوا في كنَفِكُم فما هُم مِلْكَكُم قد تمنَحونَهُم حُبَّكُم ولكن دونَ أفكارِكم، فلَهُمْ أفكارُهم ولقد تؤون أجسادَهم لا أرواحهم، فأرواحُهُم تَسْكُنُ في دار الغد…” خليل جبران

الأعراف الثقافية والتقاليد وتوقعات الأسرة قوة دافعة في “الخيارات” المهنية للشباب في الأردن، إضافة إلى المكانة الاجتماعية المرتبطة بكل مسار وظيفي؛ فكلمة “اختيار” مجرد كلمة خالية من مضمونها، وهي وجه آخر من وجوه الإلزامية والتي يتم إجبار الشباب عليه.

كان سكان منطقة بلاد الشام -ولا يزالون- معروفين جدًا بتقديرهم للتعليم العالي والمهن المرتبطة بالألقاب، مثل الدكتور، والأستاذ في مهن محددة مثل الطب والهندسة على سبيل المثال.  ويمكن ربط هذا التقدير الخاص بتطور المنطقة؛ فلقد فرضت عمليات النزوح العديدة التي حدثت في العقد الماضي في المنطقة الأفراد الذين يبحثون عن حياة كريمة لمتابعة المسارات الوظيفية وتطوير مهاراتهم لتجلب لهم أموالًا كبيرة ومكانة مرموقة.

 ولكن؛ تغير الزمن – فقد أصبحت المنطقة، على الرغم من تأثرها بالعديد من الصراعات أكثر استقرارًا، ولا سيما الأردن الذي يحتل مكانة بارزة في استقراره السياسي، ومع ذلك، فإن الاستقرار السياسي هذا لا يتماشى مع القوة الاقتصادية، فالأردن يواجه تحديات في توظيف ما يقرب من 2,420,000 عاطل عن العمل حسب دائرة الإحصاءات العامة في العام 2021.

 بالإضافة إلى ذلك، فقد تغير سوق العمل بشكل جذري في العقد الماضي، حيث أصبحت وظائف القطاع التكنولوجي والخدمات هي التوجه الأساسي والتي تتطلب مهارات تقنية وخلفية مهنية لا تفضلها الأعراف والتقاليد الثقافية العميقة الجذور التي لا يزال يعيش بها العديد من عائلاتنا ومجتمعاتنا الحبيبة.

المكانة، التي تُعرّف على أنها: “الاحترام والإعجاب الممنوحان لشخص ما أو شيء ما، عادةً بسبب سمعة الجودة العالية أو النجاح أو التأثير الاجتماعي”(قاموس كامبردج)، هي عامل رئيسي آخر يجب مراعاته في السياق الثقافي عند اتخاذ قرار بشأن المسار المهني. بالنظر إلى التعريف المقدم، يجب على المرء أن يكتسب المكانة من خلال “الجودة العالية” و “النجاح” و”التأثير الاجتماعي”، والتي تنتج عن كيفية أداء وظيفته وليس طبيعة وظيفته.

تخيل كهربائيًا – يحمل شهادة مؤهلة، ومجهزًا بأدوات نظيفة ومرتبة، ويستخدم تقنية حديثة، ومرتديًا زي انيق، ويطبق آداب السلوك الاجتماعي والعملي، ويصل في الوقت المحدد – هذه هي الترجمة الحقيقية للهيبة لأي وظيفة معينة.

من أجل وضع شبابنا في الوظائف الشاغرة الحالية ذات الصلة بالسوق، نحتاج إلى العودة إلى الأصل حيث احترام المهنة وتقديرها، ثم إعادة تقييم سلوكنا ونظرتنا تجاه المهن، وعلينا أن نكون أكثر موضوعية عند تحديد قيمة مهنة معينة مقارنة بمهن أخرى.  

نحن بحاجة إلى التقدم وإدراك أن ما كان سببا في نجاحنا ليس على الأرجح كافيا أو سببا لنجاح أطفالنا.  يجب أن يكون التفسير الشعري الذي قدمه خليل جبران دائمًا تذكيرًا بمدى محدودية خيالنا وأن المستقبل سيكون دائمًا لمن لهم مكانهم فيه.  في حين أن العديد من جيلي قد يعيشون حلم آبائنا، فإنني أشجعكم على السماح لأطفالنا بأن يعيشوا أحلامهم وتزويدهم بالمعرفة والأدوات اللازمة لتحقيق ذلك.

مبادرة “مهن من ذهب” هي المبادرة الرئيسية في الأردن التي توافق احتياجات السوق والمؤهلات المهنية في شبابنا وتؤكد أن المكانة هي نتيجة لأدائنا.  ندعوكم لتصبحوا جزءًا من الارتقاء بالقطاع المهني الأردني من خلال مبادراتنا العديدة.

أمينة مرعي

رئيس الدائرة الإعلامية

مبادرة مهن من ذهب